إبتِهال إلىَ الله
مَنظومةُ
حَدِيثِ الكِساء
لِناظِمِها
العلامة الأديب
الشيخ سلطان علي الصَّابر التُسْتَري
بسم الله الرحمن الرحيم
ألحمد لله ربِّ العالمين و الصَّلاة و السَّلام على سَيِّدِنا و نبيِّنا محمّدٍ خاتَمِ النّبِيّين و عَلى أَهلِ بَيتِهِ الطيّبين الطّاهرين .
تَحتلُّ معرفة أهل بيت النبيّ الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) أهميّةً كبيرة في التَّشريعِ الإسلامي ، فهي مُهمَّةٌ جِداً ، لأِنَّ الرّسُولَ ( صلى الله عليه و آله ) أمَرَناَ بِالرّجوع إليهم عند الإختلاف و حدوث الفتَنِ من بعدهِ .
فقد جاءَ في الحديث الصّحيح المتَّفَق عليه بين جميع علماءِ المسلمين : " إنّي خَلَّفْتُ فِيكم ما إِنْ تَمَسَّكتُمْ بِهِما لَنْ تَضلّوا بَعْدِي أَبَداً ، كِتابَ الله و أَهلَ بَيتي " ، رَواهُ الحافظ ابن كثير في " اَلبداية و النِّهاية " ج 5 / ص / 209 و كَذلكَ النِّسائي في " خصائِص الإمام علي بن أبي طالب " صفحة 96 / الحديث 189 ، وَ رَواهُ الحافظ محمّد البَدَخشاني في " نُزُل الأَبرار " صفحة 5 / مع اختلافٍ في أَلفاظ كلٍّ من الأحاديث المذكورة ، إِلاّ أَنَّ المعنى في كلِّها واحد .
فعلينا إذَن أن نَعرِفَ مَن هُم أهل البيت الّذين جعلَهم الرّسُول ( صلى الله عليه و آله ) عِدلاً للقرآن و أمَرَنا بالرّجوعِ إليهم و التّمسّكِ بهم .
و حديث الكِساء أحد هذه الرّوايات الّتي تُعَرِّف لنا أهل بيتِ الرّسُول الأعظم ( صلى الله عليه و آله ) فقد جاءَ في الكتابِ المجيد قولهِ تعالى : { إنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطهِّرَكُمْ تَطهِيرا } .
و لو راجعنا كُتُبَ التّفسير من علماءِ السُّنّة لَوَجدنا أنَّهم يَروونَ أَنها نزلَت في الخمسة أصحاب الكِساء ( عليهم السلام ) وَ إِليكَ بعضاً مِن هذِهِ الرِّوايات .
أَخرَج عِليُّ بن أحمد الواحدي النّيسابوري في كتابه " أسباب النُّزول " صفحة 329 / عن أًمّ سَلـمة أَنَّ النّبي ( صلى الله عليه وآله ) كان في بيِتها فَأَتَتهُ فاطمة ( عليها السلام ) بِبَرمَةٍ فيها خزيرة ، وَ هي نوعٌ من الطّعام فَدَخَلَت بِها إلَيه ، فقالَ ( صلى الله عليه وآله ) : " أُدعِ لي زَوجَكِ و إبنَيكِ ، قالت : فجاءَ عليٌ و حسن و حسين ، فجلسُوا يأكلونَ من تلكَ الخزيرة ، و هو على مَنامَةٍ له و كان تحته كِساء حِبري ، قالت : و أنا في الحجرة أُصلّي ، فَأنزل اللهُ هذِهِ الآية : { إنَّما يُريد اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ الْبَيْتِ وَيطَهِّركُمْ تَطْهيراً } .
فَأخَذَ ( صلى الله عليه وآله ) فضلَ الكِساءِ فَغَشّاهُم بِهِ ، ثُمَّ أخرجَ يَدَيهِ فَأًلوى بهما إلىَ السَّماء ثُمَّ قال : " أَلَلّهُمَّ هؤلاءِ أَهل بيتي و خاصَّتي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرَّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطهِيراً " قالت : فَأَدخَلتُ رأسي في البيت فقلتُ : و أنا معكم يا رسُول الله ، قال : إنَّكِ إِلى خير ، إنَّك إلى خير .
و ذكَرَ النَّبَهاني و هو أحد جهابذة عُلَماءِ المسلمين في كِتابهِ " أَلشَّرَفُ الُمؤَدْ " ما هذا لَفظه : و قد ثبتَ من طرقٍ عديدةٍ صحيحة أنَّ رسُول الله ( صلى الله عليه وآله ) جاءَ و معه علي و فاطمة و حسن و حسين و أَخَذَ كلَّ واحدٍ منهما حتّى دخلَ فَأٌوتِيَ عليّاً و فاطمة و أَجلَسَهُما بينَ يديهِ و أَجلَسَ حسناً و حسيناً كلّ واحدٍ على فَخِذِهِ ثم لَفَّ عليهِما كِساءَ ثُمَّ تَلا هذِهِ الآية : { إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ الْبَيْتِ وَ يطَهِّركُمْ تَطْهيراً } .
و أضافَ النَّبَهاني إلَى الحديث : قالت أمُّ سلمة : فَرَفَعتُ الكِساء لِأَدخُلَ معهم فَجَذَبَهُ من يَدي ، فقلتُ : و أَنا معكم يا رسُول الله ؟
فقال : إنَّكِ من أَزواجِ النّبي عَلى خير!
و قد رُويَ بعِدَّةِ مواضع بأسانيدٍ مختلفة ، و الظّاهر أَنَّ النّبي كَرّرّهُ مَرّاتٍ عديدة .
و لو تَأَمَّلَ المُنصفُ في قوله ( صلى الله عليه وآله ) : " أللّهُمَّ إِنَّ هؤُلاءِ أَهلُ بيتي " لَعَرِفَ تخصيصَهُ و تحديدَهُ لأِهلِ البيتِ فيهم .
و قد جاءَ حديث الكِساء بشكلٍ أكثر تفصيلاً في كتب علماءِ الشِيّعة برواية فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، و من هنا نَفهم أَهَمِيَّة حديثِ الكِساء ، و لذلكَ إهتَمَّ بهِ شيعةُ أهلِ البيت ( عليهم السلام ) و دَوَّنوهُ في كتبِهِم و تَبَرَّكوا بقراءَتِهِ ،