لقد كتب الكثير من علماء الإسلام والمفكرين عن معنى كلمة "الإسلام" في هذه الآية الكريمة ونختصر الموضوع بان نقول ان الإسلام هو دين الله ودين من أسلم وجهه وذاته وإرادته للخالق, والكلمة هنا ولو انها تشمل المسلمين اتباع الرسالة التي اتى بها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام, إلا انها لاتقتصر عليهم, كما نرى في الآيتين التين سبقتاها:
أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ 83 قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 84 وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ 85 - (ال عمران)
وفي تفسير ابن كثير *:
ثم قال تعالى "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه" الآية.
أي من سلك طريقا سوى ما شرعه الله فلن يقبل منه "وهو في الآخرة من الخاسرين" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" ....
وأما الآيات التي تبين ان لفظة الإسلام والمسلمين لا تقتصر على اتباع الرسول محمد(ص) فهي عديدة ولا نسرد سوى بعضها للإختصار:
إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ 131 وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ 132 أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 133 - (البقرة)
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ 67 - (آل عمران)
فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ 52 - (آل عمران)
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ 111 - (المائدة)
فنرى هنا في هذه الأمثلة القليلة ان التسمية بـ"المسلمين" شملت اقواماً سبقت مجيء الرسول(ص) بقرون عديدة. وبالإضافة, نرجوا ان يوافقنا الزوار الكرام ان الآية الكريمة تعني من آمن بالله (وحسب تفسير ابن كثير اعلاه: "أي من سلك طريقا سوى ما شرعه الله فلن يقبل منه") , وبالطبع هناك فرق بين من آمن وبين من تسمى بالإسم:
قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم 14 - (الحجرات)
والآن نسأل: أفليس من معنى التوحيد ان نقر بأن كما ان الله أحد, فكذلك دينه أيضاً واحد, - رغم مانراه من اختلافات تشريعية جائت في كل منها مناسبة لزمانها واهلها؟
أما البهائيون فهم يؤمنون بان الدين الإلهي قد نزّل على النبيين والمرسلين كاملا في كل رسالة على قدر احتياج الناس زمن نزوله وعلى طاقة استيعابهم, وكل ديانة بَنَت على سابقتها ومهدت الطريق للاحقتها, وكل الأديان أتت لتعلمنا العبادة الحقة ولتأخذنا خطوة أخرى في تقدمنا الروحي وتقدمنا الحضاري. ومَثل تتابع الأديان بالنسبة للمجتمعات كمثل تتابع سنوات الدراسة للفرد, تبني كل على سابقتها وتهيء الطريق للمرحلة القادمة. أما العلم فواحد والطريق واحد وهذا "دين الله من قبل ومن بعد".
"قد اضطرب النظم من هذا النظم الأعظم وأختلف الترتيب بهذا البديع الذي ما شهدت عين الإبداع شبهه. إغتمسوا في بحر بياني لعّل تطّلعون بما فيه من لآلئ الحكمة والأسرار. ايّاكم ان تتوقفوا في هذا الأمر الذي به ظهرت سلطنة الله واقتداره اسرعوا اليه بوجوه بيضاء هذا دين الله من قبل ومن بعد من أراد فليقبل ومن لم يرد فان الله لغني عن العالمين." - بهاء الله (الكتاب الأقدس)
والبيان في الآية التالية هو للمؤمنين (غير الذين أوتوا الكتاب من قبل):
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون 16 اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون 17 - (الحديد)
ارجع الى الصفحة الرئيسية
* تفسير ابن كثير - quran.ajeeb.com
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ
الْخَاسِرِينَ
ثم قال تعالى "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه" الآية.
أي من سلك طريقا سوى ما شرعه الله فلن يقبل منه "وهو في
الآخرة من الخاسرين" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في
الحديث الصحيح "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وقال
الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا عباد بن راشد
حدثنا الحسن حدثنا أبو هريرة إذ ذاك ونحن بالمدينة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم "تجيء الأعمال يوم القيامة فتجيء
الصلاة فتقول يا رب أنا الصلاة فيقول إنك على خير وتجيء
الصدقة فتقول يا رب أنا الصدقة فيقول إنك على خير ثم يجيء
الصيام فيقول يا رب أنا الصيام فيقول إنك على خير ثم تجيء
الأعمال كل ذلك يقول الله إنك على خير ثم يجيء الإسلام فيقول يا
رب أنت السلام وأنا الإسلام فيقول الله تعالى إنك على خير بك
اليوم آخذ وبك أعطي.